من جديد




أمشي على مهل. الحقيبة ثقيلة فوق ظهري و الأخرى على كتفي تكاد تأكل جلدي الكيس يحز معصمي ... أحمل الكثير... دائما ما أحمل الكثير... لا سبيل أخر للمعرفة . وأحمل لوحتي ملفوفة بلفحة شامية الصنع ...عصفور أكاد أجزم أنه سينام قرب سريري مرتاحا اليوم لانه عاد الي.   


مكتبي على غير عادته فارغ... والغرفة ليس علي أن اقفلها أو أن أفكر أن باب المصعد غريب مهترئ كعقول الذين أدمنوا الخضوع من حولي... لن أعود الى هذا المكان بعد الليلة وعندما امر به ساقول ههنا عملت من زمن ...وأمضي الى مكتبة قريبة لاشتري كتابا كعادتي ...


أحمل حاسوبين احدهما لي و الأخر لصديقي الذي سافر لاجئا الى حيث مسائي نهاره. ساخبره بان حاسوبه آلم ظهري وسنضحك سويا لاننا نعرف أن الواني و مساحيق السحر التي أحمل أثقل بكثير لكنه سيقول: معلش سلامتك طنشي... وسنضحك. كما يعرف الأصدقاء فقط أن يضحكوا. كما يعرف المريدون...




الألم يشتد والكلمات تنسكب في عقلي كانما ولدت فيه. هناك مكتب جديد ينتظرني... الأغبياء فقط يحبون الجديد أما أنا فلي شعري المبيض وأحبه كما هو.  الأغبياء والاجانب...  

  كم مرة انتقلت من مكان لاخر؟ طفلة تريد أن ترى والدها الملاحق تعرف الحقائب كما تعرف اسمها ... شابة تذهب الى العاصمة لتتعلم وتبتعد... عشرينية تتنقل في باريس من مهجع طلاب الى شقتها الصغيرة. كم مرة حملت حقائبي ورحلت...  و رحلت الى عالم أخر. فكانت الهند وكنت الطفلة من جديد ... أنا وحقائبي وخوفي المهول و ذلك الايمان لا أعرف من أين يأتي ولم يحملني أنا ... أنا دونا عن كل القانطين. كم مرة رحلت وكيف عدت وحقائبي لبيروت القاتلة القتيلة... لاقف عند غصن ارتاح برهة ... ولارتمي في مهزلة البقاء بينما تقرأني كتبي كل ليلة وعناوين الموت في كل شئ .


 الكل متلاصق في هذا البلد والأمراض ذاتها . سجود لغير الله وعبادة الاصنام. خوف من الحقيقة وأدمان التوالد هربا من الحياه. نقص في الشجاعة مضحك لو لم يكن مبكيا... الكفر في كل شئ هنا خاصة في صوت الأذان صادرا من مساجد لا تسمع صيحات الثائرين...


هذا الطريق أعرفه هذه المتسوله أعرفها تقول لي عندما أكون حزينة : الله يفك همك وعندما أكون سعيدة  : الله يخليلك هالوجه الحلو ... فاعرف أنني يومها  سرحت شعري جيداً على غير عادة ... هذة السيدة تعلم عني ما لا أعلم وتخبرني به. هي اكرم من كل من يعطونها المال. وأجمل مني.


ساصل بيتي ... أضع حقائبي وأترك العصفور يقبل الفراش والوسادة ... و أعده بانني لن اتركه يرحل من جديد... حرين معا مهما كانت الغرف صغيرة... حرين معا


 


السيد ديما



Comments

Popular Posts